الأفراد الذين نشأوا في كنف آباء يفتقرون إلى مشاعر الحب والحنان، غالبًا ما يكتسبون عشر سمات ..


لاتيه


الأفراد الذين نشأوا في كنف آباء يفتقرون إلى مشاعر الحب والحنان، غالبًا ما يكتسبون عشر سمات مميزة في مراحل لاحقة من حياتهم، كما يشير علم النفس في مقال للكاتبة “مايا تشنغ ” ونشره موقع  Hack Spirit  . تقول : إن تأثير طفولتنا يمتد إلى نسيج شخصياتنا، وغالبًا ما يكون ذلك بطرق نجهلها. بالنسبة لأولئك الذين عاشوا تحت ظلال آباء غير محبين، تبقى آثار تلك الفترة ترافقهم حتى بلوغهم.

يظهر علم النفس أن صفات مثل صعوبة الوثوق بالآخرين، وانخفاض تقدير الذات، والانفصال العاطفي، هي سمات شائعة بين الأفراد الذين حُرموا من مشاعر الحب والدعم خلال مراحل نموهم. اليوم، سنغوص في أعماق هذه الصفات، لذا استعدوا لأن أرافقكم في رحلة مثيرة لاستكشاف التأثيرات النفسية الناجمة عن نقص حب الوالدين لأبنائهم.

 

1) صعوبة بناء علاقات قريبة

يواجه الأشخاص الذين نشأوا مع آباء يتصفون بالجفاف العاطفي صعوبة في بناء علاقات قريبة. هذا لا يعني أنهم غير قادرين على تكوين علاقات، بل إن الحواجز العاطفية التي بنوها في طفولتهم تجعل الأمر صعبًا عليهم في السماح للآخرين بالدخول إلى حياتهم. قد يكون هؤلاء الأشخاص دائمًا في حالة تساؤل عن قيمتهم، مما يصعب عليهم الاعتقاد بأنهم يستحقون الحب والاهتمام. وهذا قد يجعلهم يميلون إلى الابتعاد عن الآخرين خوفًا من الرفض أو الخيبة. تشير الدراسات النفسية إلى أن تجارب الطفولة، خاصة المتعلقة بالوالدين، تؤدي دورًا مهمًا في قدرتنا على تكوين العلاقات والحفاظ عليها عندما نكبر. لذا، ليس من الغريب أن يؤثر عدم وجود حب من الوالدين على هذه القدرة. ولكن فهم هذه الحقيقة هو الخطوة الأولى نحو التعافي وتعلم كيفية بناء علاقات صحية أفضل.

2- الاستقلال الذي يؤدي إلى العزلة

هناك صفة أخرى لاحظتها في الأشخاص الذين نشأوا مع آباء غير محبين، وهي شعورهم القوي بالاستقلال. الذي يؤدي إلى العزلة. عندما كنت صغيرة، كان والدي بعيدًا عاطفيًا، وكانت والدتي مشغولة بمشاكلها الخاصة، مما جعلني أتعلم الاعتماد على نفسي في كثير من الأمور. منذ صغري، كنت أعد الوجبات، وأحل مشاكل عديدة بمفردي. هذا الاعتماد على النفس استمر معي حتى الكبر، وأنا أفتخر بذلك. لكنني أيضًا أدركت أن هذا الاستقلال يمكن أن يكون له جوانب سلبية. فهو قد يجعلني أشعر بالوحدة، ويصعب عليّ الانفتاح على الآخرين أو طلب المساعدة عندما أحتاجها.

 

3- التوتر والقلق المزمن

بالنسبة لأولئك الذين نشأوا في كنف آباءٍ يفتقرون إلى مشاعر الحب والرعاية، قد يبدو الكون أحيانًا كأنّه ساحة من عدم اليقين والمخاطر. هذه الحالة يمكن أن تؤدي إلى يقظة مفرطة، حيث يكونون في حالة استعداد دائم لمواجهة التهديدات المحتملة والمخاطر الكامنة. وغالبًا ما تشكل هذه الدوامة من التأهب الحذر استجابةً لفقدان الأمن وعدم القدرة على التنبؤ بالأحداث التي عاشوها في أحضان طفولتهم. إذ إن افتقارهم للاعتماد على والديهم في ما يتعلق بالسلامة والأمان جعلهم يتعلمون فنّ رصد بيئتهم المحيطة بشكل متواصل، بحثًا عن أي إشارات تنذر بالخطر…أظهرت إحدى الدراسات أن الأطفال الذين عاشوا تجربة الإهمال أو الإساءة من قبل الوالدين يُظهرون مستويات مرتفعة من هرمون الكورتيزول، المعروف بهرمون التوتر، مقارنة بأقرانهم الذين ينعمون بتربية أكثر استقرارًا. هذه الاستجابة البيولوجية قد تفضي إلى حالة من اليقظة المستمرة، حتى بعد الوصول إلى مرحلة البلوغ. على الرغم من أن هذا الوعي المتزايد قد يكون نافعًا في بعض الظروف، إلا أنه قد يتحول إلى مصدر للتوتر والقلق المزمن إذا لم يُتَعَامَل معه بفعالية.

4- النضال من أجل احترام الذات

إن تقدير الذات يمثل القيمة التي نمنحها لأنفسنا، وهو مرآة تعكس كيف نرى قيمتنا الذاتية، ويتأثر إلى حد بعيد بكيفية تعامل الآخرين معنا في أثناء طفولتنا. لأولئك الذين ترعرعوا في كنف آباء يفتقرون إلى مشاعر الحب، يصبح الكفاح من أجل احترام الذات غالبًا صفة شائعة. فقد كان والداهم يميلان إلى النقد الشديد أو التجاهل أو الإهمال، مما يجعلهم يعتقدون بأنهم لا يستحقون الحب والاحترام.

هذا النقص في تقدير الذات قد يظهر في مرحلة البلوغ، متجسدًا في حاجة دائمة للتحقق أو الخوف من النقد، مما يؤدي إلى شعور بالقصور والشك الذاتي الذي يمتد ليؤثر في جميع جوانب الحياة – من العمل إلى العلاقات. إن الوعي بهذا النمط السلوكي يعد أمرًا بالغ الأهمية. تبدأ رحلة الشفاء وبناء تقدير الذات على نحو صحي من خلال فهم أن هذا الصراع لا يمثل فشلاً شخصيًا، بل هو نتيجة لتجارب سابقة. ومع مرور الزمن والجهود المبذولة، يصبح من الممكن إعادة بناء احترام الذات واستعادة القيمة الحقيقية للنفس.

5) الإفراط في الإنجاز أو عدم الإنجاز

عندما يغيب الحب والعاطفة عن مرحلة الطفولة، قد يتحول بعض الأفراد إلى البحث عن تلك المشاعر بوسائل بديلة.

بالنسبة للبعض، قد يؤدي ذلك إلى الإفراط في الإنجاز. في رحلتهم نحو نيل القبول والتحقق، يدفعون أنفسهم بجنون نحو التفوق في شتى مجالات الحياة، وغالبًا ما يضعون لأنفسهم معايير تتجاوز المعقول. سعيًا لرضا الآخرين، قد ينزلق آخرون نحو قاع الإنجاز. فبسبب شعورهم العميق بعدم قدرتهم على تلبية توقعات والديهم المرتفعة، قد يفوتون الفرصة لاستكشاف إمكانياتهم الكامنة، أو يترددون في متابعة شغفهم. كلا الاستجابتين هما آليات تكيف نشأت في بيئة تفتقر إلى الحب.

6) الرغبة في التواصل الحقيقي (الظمأ العاطفي)

في أعماقنا، نتوق جميعًا إلى التواصل. إنه جزء أساسي من كياننا البشري.بالنسبة لأولئك الذين نشأوا مع آباء غير محبين، فإن هذا الشغف يمكن أن يكون أكثر شدة.ربما أمضوا طفولتهم وهم يتوقون إلى اتصال حقيقي مع والديهم، وهو الشوق الذي لم يتحقق أبدًا.في مرحلة النضوج، قد يتحول هذا إلى شغف عميق في بناء روابط صادقة مع الآخرين. وغالبًا ما يتوق الشباب إلى علاقات يشعرون فيها بأنهم مُدرَكون ومسموعون ومقدَّرون. ومع ذلك، فإن رهبتهم من الرفض أو الفقد قد تعيقهم أحيانًا عن السعي نحو تلك العلاقات. إنه توازن حساس بين الشغف في أن تُحَب والخوف من المعاناة التي قد تترافق مع ذلك.

7) السعي نحو الكمال

خلال مراحل نموي، كنت أشعر دائمًا بضغطٍ خفي يدفعني نحو تحقيق الكمال. كانت تتملكني قناعة بأن السبيل الوحيد لكسب رضا والديّ هو التفوق في كل ما أقوم به. لقد تسربت هذه الحاجة الجامحة نحو المثالية إلى حياتي كراشد، حيث تجسدت في مجالات عملي، وعلاقات، وحتى في الطريقة التي أرى بها ذاتي. أصبحت ناقدي الأشد قسوة، أفرض على نفسي معايير مستحيلة.

تشير الدراسات النفسية إلى أن مسعى الكمال شائع بين أولئك الذين نشأوا في كنف آباء يفتقرون إلى المشاعر الدافئة. إنها بمثابة آلية دفاع، وسيلة لاستعادة الحب والموافقة التي كانت غائبة في طفولتهم. وعلى الرغم من أنه ليس من الخطأ الطموح إلى التميز، إلا أنه من الضروري أن نكون واعين عندما يتحول هذا السعي إلى هوس غير صحي بالكمال.

8) التعاطف واللطف

قد يبدو الأمر غير متوقع، لكن الأفراد الذين نشأوا في كنف آباء يفتقرون إلى الحب غالبًا ما يتحلون بقدر كبير من التعاطف واللطف تجاه الآخرين. وكأن الفراغ العاطفي الذي عاشوه في حياتهم الخاصة يعزز قدرتهم على استشعار مشاعر واحتياجات من حولهم. إنهم يدركون تمامًا معنى الشعور بالهجر أو التجاهل أو الإهمال، ولا يرغبون في أن يخوض الآخرون تجربة مماثلة. لذلك، يتجاوزون الحدود ليُشعروا الآخرين بأنهم مرئيون ومُقدَّرون. ورغم أن هذه السمة جديرة بالتقدير، إلا أنه من الضروري الحرص على عدم التفريط في حق الذات. إن تلبية الاحتياجات العاطفية للفرد لا تقل أهمية عن رعاية الآخرين. الأمر يتعلق بتحقيق توازن دقيق بين التعاطف ورعاية الذات.

9) الخوف من الالتزام

يعد الخوف من الالتزام ظاهرة شائعة نراها كثيرًا في الأفراد الذين نشأوا في ظل آباء يفتقرون إلى الحب والحنان. وقد يكون هذا الخوف نتاجًا لعدم الاستقرار وانعدام الأمان الذي تعرضوا له في أحضان منازلهم خلال الطفولة. فمنذ أن غاب عنهم مشهد العلاقات الصحية المفعمة بالمودة، يجدون صعوبة في تصديق إمكان وجود مثل هذه العلاقات في حياتهم. ونتيجة لذلك، يتجنبون الاقتراب من الآخرين أو الانخراط في التزامات طويلة الأمد، حيث يتملكهم الخوف الجاثم داخلهم من التعرض للأذى أو الهجر.

10) المرونة

على الرغم من التحديات التي يواجهونها، فإن الأفراد الذين نشأوا مع آباء غير محبين غالبا ما يطورون مستوى غير عادي من المرونة، لقد واجهوا الشدائد منذ سن مبكرة، وكان عليهم أن يتعلموا كيفية التعامل مع المواقف الصعبة بأنفسهم. وهذا يبني لديهم القوة والمرونة التي يمكن أن تحملهم عبر محن الحياة.لا يتعلق هذا الصمود بالبقاء على قيد الحياة فحسب، بل يتعلق أيضًا بالنجاح في مواجهة الشدائد. وهو دليل على قدرتهم على التغلب على التحديات والخروج منها أقوى. ومع ذلك، فإن المرونة لا تنفي الحاجة إلى الشفاء والعناية بالذات. فحتى الأقوى بيننا يحتاج إلى الدعم والتفهم.

 

 

اترك تعليقاً