المقهى والابداع


لاتيه – المقهى

بين إسطنبول وباريس وأكسفورد على خلاف بين أسبقية افتتاح المقهى نشأ المقهى كحل لحاجة الإنسان للإجتماع ،فدور العبادة غير صالحة للأحاديث الدنيوية اليومية والهموم المشتركة ،والبيوت غير معدة للاستقبال الدائم للغرباء فكانت نشأة المقهى ليحقق هذه الحاجة الإنسانية .

صارت المقاهي بمثابة “منتديات رخيصة”. فلقاء مبلغ زهيد، تستطيع الجلوس والتمتع بفنجان قهوة يصحبه نقاشات ثرية حول كل شيء في العالم. كانت مكان لقاء المفكرين وجلوسهم المفضل.

اتخذ أدباء ومفكرون على غرار فولتير وألكسندر بوب وجون درايدن من المقاهي مكاتب لهم، وكان لموسيقيين مثل فاغنر أماكن  خاصة في المقاهي اعتادوا على وجودهم فيها  لتأليف الموسيقى . كما مثلت المقاهي ساحات حرة بعيدة عن انحيازيات المجتمع الطبقية، فيمكن لأي شخص من أي خلفية أو طبقةالجلوس فيها والتعرف على آخرين.

وقد أدى ذلك المناخ الحر لتفاعل أفراد من كافة الخلفيات مع بعضهم البعض، فنانون وعلماء وعُمّال، والخروج بأفكار ثرية ورؤية أكثر انفتاحًا للعالم.

ظل المثقفون يجلسون إلى المقاهي، حتى عُرفَت بعض المقاهي بالأدباء والفلاسفة الذين كانوا يترددون عليها. ففي فرنسا على سبيل المثال، دأب جان بول سارتر وسيمون دي بورفوار على الجلوس في مقهى لو دو ماجو، وفي مصر، اعتاد نجيب محفوظ الجلوس في مقهى الفيشاوي.

لعبت المقاهي أيضًا دورًا ليس بالصغير بالنسبة للفن، فنظرًا للحرية التي سادت مناخها، ولانتشار جمهور مثقف بها، كان المقهى بمثابة منبر فني لعرض أحدث الابداعات، ومركز ثقافي للعواصم الأوروبية في القرن التاسع عشر. وليس أدل على ذلك من وقوع أول عرض سينمائي على الإطلاق في قبو مقهى الجراند كافيه بباريس، على يد الإخوين لوميير في الثامن والعشرين من ديسمبر\كانون الأول عام 1895.

 

اترك تعليقاً