جوهر الجمال


بقلم : محمد بن عايض

إنَّ الحاجة إلى الحياء ليست مجرد حالة عابرة، بل هي سمة متأصلة في جوهر النفس البشرية. وعندما يتخلى الإنسان عن رداء الحياء، فإنه بذلك يخرج عن فطرته السليمة ؛ لإنَّ الفحش في الكلام والتفاخر به، وما يتبعه من تصوير المشاهد والأحداث والصور ذات الدلالات القذرة، بالإضافة إلى الوصف الفاضح والمقزز لمعائب الكلام، دون مراعاة للذوق و المشاعر، يعدّ تحولاً من صفة الإنسان المستقيم إلى صفة المنحرف المتفحش البذيء. ولا ريب أن هذا السلوك غالباً ما يكون نتيجة لانحطاط القيم الأخلاقية وسوء التربية في بيئة احتضنت هذا النهج، حيث نما وازدهر بلا رادع أخلاقي أو إيماني.

 الإنسان ابن بيئته، ومنها يكتسب الأخلاق والألفاظ والسلوك، إذا كانت البيئة مشبعة بالخير، وجد الإنسان نفسه متجذراً في الخيرات، أما إذا كانت البيئة فاسدة، فمن الطبيعي أن يصبح الإنسان انعكاساً لذلك الفساد. إن من أسمى فضائل الأخلاق هي  التربية على الحشمة والحياء والأدب، ومن حرم من هذه القيم، فقد أُقصي عن كثير من النعم. لكن لا يعني ذلك أن من نشأ في بيئة غير صالحة لا يمكنه تصحيح مسار سلوكه أو تحسين ألفاظه، بل بالعكس، يمكنه أن يعيد بناء نفسه، ويتحلى بالخلق الرفيع.

ومن الغريب حقاً أن يلجأ البعض إلى الفحش  كوسيلة لكسب الإعجاب  في حين أن الفطرة الإنسانية السليمة تنفر من القبح بجميع أشكاله، سواء جاء في الأقوال أو الأفعال أو السلوك. وهذا يؤكد أن مشاهد التعري  القبيح، سواء كانت جسدية أو أخلاقية، تثير النفور والاشمئزاز.

إن النظافة الحقيقية تتجلى في طهارة الفعل والكلمة وصدق الضمير، فهي تجسد نقاء القلب وسلاسة السلوك. وتكون دليلاً على صفاء الباطن أو قذارته. إن الجمال والكمال يزهران في نقاء الظاهر والباطن، مما يمنح الإنسان هيبة ووقاراً وجاذبية، بينما تبرز مشاعر المودة التي يجهل الناس سرها. هنا تكمن جواهر الجمال.

في الأثر: إن الله يبغض الفاحش البذيء

This Post Has One Comment

  1. أحمد محمد الأسمري- أبو فيصل

    لا فض فوك أخي الغالي، كلام جميل وفي الصميم.

اترك تعليقاً