مقالات :
أثر التحريش على العلاقات الاجتماعية
محمد بن عايض
التحريش بين الأشخاص هو صفة ذميمة فاسدة ومرض نفسي عضال يسعى صاحبه إلى تدمير العلاقات الاجتماعية والإنسانية بكل قوته، ويجد سروره الشيطاني في فرز الناس وزعزعة اجتماعهم وتشويه صورتهم واتهامهم بغض النظر عن مدى قربهم أو بعدهم؛ لأن رؤيته للتواصل بين الأشخاص تسبب له ألمًا شديدًا.
المحرش شخصية مصابة باستعلاء ونرجسية خفية وإن أبدى تواضعا وطيبا وكرما زائفا . ولا يسلم من سمه أحد فكل من حوله يصاب بنفث سمومه ليطال البعيد والقريب .والأخطر أن يورث سموم ضغينته وأحقاده . لا تجد قوما تدابروا وحلت القطيعة بينهم إلا كان بينهم هذا المسموم بالتحريش الساعي بينهم بالوشاية والتحريض والافتراء والكذب والتزوير، وهو يسعى بينهم بأكثر من قناع، ويتعامل بأكثر من وجه وله أكثر من لسان، ويسعى جاهدا لإشعال الحرائق بينهم وإيقاد جمر الضغينة في القلوب
التحريش بين الناس يتسبب في آثار اجتماعية خطيرة، مثل زيادة البغض وتفاقم الخلافات وانقطاع العلاقات العائلية وانتشار الشكوك، مما يؤدي إلى تدمير الروابط الاجتماعية وتشويه صورة التراحم في المجتمع وهذا يؤدي إلى تشتيت الأصدقاء والأحباء، وتزيد العداوة والصراعات، وتتسبب في عواقب وخيمة. لذلك، يجب على الشخص العاقل عدم الاعتقاد بكل ما يسمع حتى يتأكد، وقد ورد في القرآن الكريم (إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بنبأ فَتَبَيَّنُوا)، وينبغي على الشخص الذي يعرف عن شخص معين اشتهاره بهذا الشر أن يحترس منه وينصحه، دون الانصياع لأقواله والمشاركة في نشر دعوته المدسوسة للفتنة بين الأقارب والأصدقاء.
في النهاية، التحذير من سلوك المحرش يجب أن يتبعه دعوة للإصلاح بين الناس وتعزيز العلاقات الاجتماعية والعائلية، وتجنب النزاعات والانقسامات. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ألا أخبرُكم بأفضلَ من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ ؟ قالوا: بلى، قال: إصلاحُ ذاتِ البينِ ) وهو إشارة إلى أن أفضل الأعمال هو إصلاح العلاقات بين الناس وتقويمها، بينما التحريش والخصومات هي التي تفسد العلاقات الاجتماعية.