شوية صمت لو سمحت
سلافة سمباوه
——————-
هل جربت يوما أن تعقد صداقة مع الصمت ؟
هل تعرفت على نعمة الصمت ؟
هل خصصت ساعه يوميا تجلس مع الصمت ؟
يقول كونفوشيوس : الصمت هو الصديق الوحيد الذي لا يخونك أبداً
هناك أشياء جميلة يكتشف الإنسان أهميتها بمرور الزمن رغم أنها موجودة أمامه طول الوقت كالصمت , فلقد اعتدت أن يصاحب جلوسي في المنزل صوت يؤنسني سواء كان التليفزيون أو الموسيقى ,ولكن عندما كبرت قليلا اكتشفت أني أحب بشدة مشاهدة الشارع صباح يوم الجمعة لأنها اليوم الوحيد الذي تتوقف فيه حركة الناس والسيارات ويسوده السكون التام
,فالصمت نعمة وسط حياة الضجيج ويعتبروه الناس دليل على الحياة فيفرطون في استخدام الأصوات العالية بسبب وبدون سبب , ولكن الحقيقة أن الضجيج المستمر تلوث صوتي فهو من أكبر العوائق التي تعكر على الإنسان صفو حياته وتضعه في حالة قلق وعدم تركيز و غير قادر على العمل , ولكن عدد كبير من الناس يخافون من الهدوء ولا يقدرون على تحمله ولو لثانية لأنه بالنسبة لهم مرادف للموت , فلو صادفتهم لحظة صمت يصرون على قطعها بالحديث والثرثرة المستمرة ولو كانوا بمفردهم تماما يشغلون التليفزيون لكي يثرثر بدلا منهم ويملأ عليهم الفضاء الصوتي ,ولكنك لو جربت أن تقاوم رغبتك في العودة للصخب وأعطيت للصمت فرصة أن يملأ كيانك واستمعت لصوته ستكتشف أنه ليس مخيفا كما يبدو لك بل بالعكس فهو مثير للتأمل العميق .
أثناء الصمت بإمكانك الاسترخاء والغوص في أعماقك بدون تشويش و أن تفكر بصفاء ونقاء بدون أن تعترضك الغشاوة التي يضعها الضجيج فوق عقلك , و لو عجزت عن إيجاد حل لمشكلة معقدة تواجهك أو عن اتخاذ قرار مهم ألجأ للصمت وأجلس مع نفسك في هدوء وتوقف عن التفكير لعدة دقائق واشعر بالطاقة الخارجة من جسدك والهواء يدخل رئتيك ويخرج منها , ثم بعد عدة دقائق عد لما كنت تفعله ستجد عقلك أصبح كالسماء الصافية وقدرتك على التركيز والتفكير أصبحت أقوى و المشكلة التي كنت تراها معقدة ستبدو لك أكثر سهولة .
الصمت يعطي فرصة لحدسك أن يعمل بصورة أقوي فعندما تطفئ الأصوات الخارجية ,يبدأ صوتك الداخلي في العمل ,الصمت من النعم المجانية التي أعطاها الله لنا ولكن لا أحد يقدره سوى الحكماء .
