بقلم : منصور العلي
شهر رمضان المبارك هو موسم الرحمة والبركة، حيث يتجمع الناس حول موائد الإفطار والسحور ليعيشوا أجواءً مفعمة بالسكينة والتقوى. هذا الشهر الذي يعلمنا الصبر والاعتدال والإحساس بمعاناة الآخرين، يمكن أن يصبح في بعض الأحيان مناسبة تشهد الإسراف في تحضير الطعام وإهداره. مشهد الموائد العامرة بالأطباق المتنوعة والكميات الكبيرة أصبح شائعًا في كثير من المنازل، حيث يتم إعداد أكثر مما يمكن استهلاكه. ولكن ماذا عن الطعام الزائد؟ هل يصبح نعمةً أم عبئًا يضيع هدراً؟
تشير الإحصائيات إلى أن معدلات هدر الطعام ترتفع بشكل كبير خلال شهر رمضان في العديد من الدول العربية والإسلامية. هذا الهدر لا يقتصر فقط على خسائر مادية، بل يحمل آثارًا بيئية جسيمة. فالنفايات الناتجة عن الطعام المهدور تساهم في زيادة الانبعاثات الكربونية، مما يعكس تناقضًا مع القيم الروحانية التي يدعو إليها الشهر الكريم. يتزامن هذا مع استمرار معاناة ملايين الأشخاص حول العالم من الجوع، ليصبح السؤال المحوري: كيف يمكننا تحقيق توازن بين إعداد وجبات شهية ومراعاة عدم الإسراف؟
التوازن الغذائي خلال رمضان ليس بالمهمة الصعبة، ولكنه يتطلب قليلًا من التخطيط المسبق. يمكننا البدء بتحضير كميات معقولة من الطعام تتناسب مع عدد الأفراد وظروفهم. إذا تبقى طعام زائد عن الحاجة، يمكن تخزينه بشكل آمن لتناوله لاحقًا أو التبرع به للفقراء والمحتاجين عبر الجمعيات الخيرية. التكنولوجيا اليوم توفر حلولًا عملية مثل تطبيقات توزيع الطعام الزائد، ما يعزز من ثقافة المشاركة وتقليل الإهدار.
كما أن التوعية تلعب دورًا كبيرًا. إطلاق حملات توعوية على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون له أثر ملموس في تغيير العادات الغذائية. الرسائل التي تشدد على أهمية الاعتدال والتوازن لا تستهدف فقط الأفراد، بل تشمل أيضًا المطاعم والفنادق، حيث يتم إعداد كميات كبيرة من الطعام يوميًا.
من خلال الالتزام بمبادئ التوازن في الطعام خلال رمضان، لا نحافظ فقط على مواردنا، بل نرتقي أيضًا بروح الشهر الفضيل. الطعام بركة ونعمة، ويستحق أن يُعامل بعناية وحكمة حتى يبقى مصدرًا للسعادة والاستدامة للجميع.