لاتيه
في مقال طيبون لكن مغبونون للدكتور ” أيمن بدر كريم ” في صحيفة المدينة تناول الصراع الدائر بين الطيبة واللؤم والغدر يقول في مقاله
– فالطيِّبونَ عادةً يُراعونَ قِيمَهُم وأخلاقَهُمُ المِثاليَّةَ، وهُم مُلتزِمونَ داخلَ مُحِيطِها، ولا يتملَّقُونَ أو يَبتذِلُونَ، أمّا الأوغادُ فلا مُثُلَ ولا مبادئَ ثابِتة لديْهِم، بل أكثرُهُم لا خَلاقَ لهُم.. يقولُ (بِرتراند راسِل): «يُوجدُ في الجُزءِ الَّذي نعرفُهُ مِن الكونِ الكثيرُ مِن الظُّلمِ، وغالبًا ما يُعاني الطيِّبونَ، وغالبًا ما ينْجحُ الأشرارُ».
– ومهْما كُنتَ طيِّبًا مُسالِمًا تؤدِّي واجِباتِكَ بإتقانٍ وزيادَةٍ.. سيأتِي مَن يُؤذيكَ دونَ سَببٍ وجِيهٍ، وسوفَ تَنالُ حظَّكَ مِن الظُّلمِ والغُبْنِ والقهْرِ والحُزنِ لا مَحالةَ، وإنْ لمْ تكُن مُذنبًا أو مُخطِئًا، وحتَّى لوْ كانتْ نِيَّتُك صافِيةً، سوفَ تضْطرُّ للتّعامُلِ مع سوءِ الفَهمِ والتَّنمُّرِ والاستهزاءِ.
يقولُ الرِّوائِي (نَجيب مَحفوظ): «أنتَ تعتقدُ أنَّك إذا فعلتَ فوقَ اللَّازِمِ ستنالُ التَّقديرَ، ولكنَّ الحقيقةَ التي ستُفاجِئُكَ هي أنَّكَ ستَتعرَّضُ للاستِغلالِ بِدونِ شَفقَةٍ».
– كُلَّما كُنتَ لطيفًا طيّبًا تِلقائيًا غيرَ مُتكلِّفٍ، توجَّسَ منكَ أناسٌ، وقلَّ خوفُهُم مِنكَ أو احترامُهُم لكَ، ولمْ يتورَّعوا عَن إيذائِكَ.. وكُلَّما كُنْت غَليظًا مَهيبًا مُتسلِّطًا مُثيرًا للخوْفِ.. هابَكَ النَّاسُ واحترموكَ وتَجنَّبُوا إيذاءَكَ خشْيةَ عداوَتِك وسَلاطَةِ لِسانِكَ وسوءِ أخلاقِكَ. عمومًا، كُنْ لَطيفًا عَفيفًا على أيِّ حالٍ، وافعلِ الخيرَ فِي كُلِّ الأحْوالِ.
– يُؤكِّدُ (كانط) أنَّ عَليْنا فِعلَ الخيرِ لا لِغَرضٍ أو مِن أجلِ فائِدةٍ شخصيَّةٍ، بلْ لِذاتِه، لأنَّ الخيرَ الأخلاقيَّ خيرٌ في ذاتِه (الواجبُ الأخلاقيُّ) وفي الوقتِ نفسِهِ، رأى أنَّهُ لا بُدَّ مِن وجودِ إلهٍ لإثابَةِ الفضِيلةِ وعِقابِ الشَّرِّ، فالتَّجرِبَةُ تقولُ إنَّ الفَضيلةَ في هذهِ الحَياةِ لا تُقابَلُ دائِمًا أو حتَّى كثيرًا بالثَّوابِ!.
– أنتَ إنسَانٌ سَيِّئٌ في نظَرِ الأوْغَادِ حينَ تبدأُ بِرَفْضِ استِغلَالِهِم وظُلْمِهِم، وتُراجِعَ مَدى عَطائِكَ وطِيبَتِكَ، وتدْفعَ عَن نفسِكَ الظُّلم، إذ ليسَ مِن الحِكْمةِ أنْ تكونَ طيِّبًا مَع جميعِ النَّاسِ، فالناسُ بِطبيعَتِهِم مُستَغلُّونَ ولا يَقفُونَ عندَ حدٍّ. يَقولُ (دوستويفسكي): على الإنسانِ ألَّا يكونَ طيِّبًا على الدَّوامِ».