لكل لعبة قوانينها
محمد بن عايض
_________________________________________
الحياة لعب. كل لعبة لها قوانينها وأسرارها ومحترفوها من اللاعبين الكبار. تختلف درجاتها من اليسر إلى العسر، ومن الأمان إلى الخطر. ومن السلام إلى الخوف، ومن الغدق إلى الجفاف ؛ لذلك فمن الحكمة ألا تلعب لعبة لا تجيد معرفة بداياتها، ولا تعرف شيئا عن كنه أسرار مخاطرها وعمق جذورها وامتداد ظلالها وعالم قوانينها. إن لم تكن قادرا على معرفة بعض أسرار هذه اللعبة مدركا لدرجات مخاطرها وشبكة جذورها، فانصرف عنها ودعها فلها لاعبون كثر. يجيدون التعامل معها، ويحسنون النظر في تنقل خطواتها وكبح جماح فتكها.
ابحث عن لعبة تألفها وتألفك تعرف مسالكها، وتدرك أبعاد مخاطرها، تأمن غدرها وهي في كل أحوالها سارة، وإن أساءت فبغير قصد. وإن أخطأت فأضرارها محدودة، ويمكن إصلاحها. كثيرون يرون أن بإمكانهم المشاركة في ألعاب شديدة الخطورة ظنا منهم أن كل لعبة سهلة يمكن النزول لميدانها، لكنهم يدركون متأخرين أنهم وقعوا ضحايا لعبة خطرة ولاعبين كبار أكثر خطرا كانوا مشاركين في اللعبة مساعدين ومشجعين غير ظاهرين. وقع أولئك المساكين ضحية حسن ظنهم الذي أوقعهم في شباك لا مخرج منها، حتى صار مصيرهم لقمة سائغة مهزومين بأسهل ما يكون، منكسرين أشد الانكسار، في لعبة شديدة الخطورة فرحين كأنهم كاسبون وهم خاسرون.
إن ملاعبة الأفاعي قد تبدو سهلة ومسلية لمن يجيد التلاعب بها. وأما الآخرون فستظل في أعينهم سامة قاتلة مهما صدقت وآمنت بلطفها ولين ملمسها، فهي في أحسن أحوالها ترقص على مسرح النهايات المؤلمة، وتكتب للتاريخ مضارب للمآسي والمثل الحزين.
في الحياة لعب كثيرة وعليك أن تختار اللعبة التي تعرف أبعاد قوانينها.