محمد بن عايض
تواجه بعض الدول تحدي شيخوخة المجتمعات، حيث يتجاوز عدد المسنين الذين تتجاوز أعمارهم 65 عامًا عدد الأفراد الأصغر سنًا. تتوافر العديد من الإحصائيات والأرقام التي تسلط الضوء على حجم هذه الظاهرة العالمية في بلدان متباينة حول المعمورة. ويبدو أن هذه الظاهرة تقترب ببطء نحو المجتمعات العربية، ولكنها تتجلى لأسباب تتفاوت من مجتمع لآخر، فلكل مجتمع أسبابه الموضوعية الفريدة التي تفسر هذه الظاهرة.
من بين العوامل التي تساهم في بروز هذه الظاهرة في عالمنا العربي هو تراجع رغبة الشباب في الزواج، مما يسفر عن انخفاض ملحوظ في معدلات الولادة، وهذا بدوره يقود إلى شيخوخة مجتمعاتنا.
تتنوع أسباب نفور الشباب من فكرة الزواج بين المجتمعات، لكن تظل التكاليف المرتفعة والمبالغ فيها، التي تصل أحيانًا إلى حد الإسراف، في مقدمة تلك الأسباب. هذه التكاليف غالبًا ما تتجاوز قدرات الشباب المالية ، مما يعيقهم عن اتخاذ هذه الخطوة الجليلة في مسيرة بناء الذات والمجتمع على حد سواء.
أرى أن التصدي لهذه التكاليف المرتفعة للزواج لا بد أن يتسم بالتعاون بين مختلف فئات المجتمع، حيث يجب أن تتضافر الجهود لتخفيف حدة هذه الظاهرة. ينبغي أن تشارك في ذلك الشخصيات الاجتماعية ووجهاء المجتمع، من خلال التفكير في إيجاد حلول عملية تسهم في تهدئة هذه المبالغة غير المقبولة لتكاليف الزواج. والأهم من ذلك، أن يكون هناك قدوات من الشخصيات البارزة التي تجسد هذه الحلول وتترجمها إلى واقع ملموس.
إن إلحاح هذه المسألة المتمثلة في “عزوف الشباب عن الزواج” يترك بصماته النفسية العميقة على الشباب أنفسهم، وعلى المجتمع ككل. ومن أبرز هذه الآثار السلبية ما تعانيه بعض الدول في الوقت الحالي من تدني معدلات المواليد، بالإضافة إلى بروز ظاهرة شيخوخة المجتمعات، مما ينعكس بأبعاده الاقتصادية المؤثرة على نسيج المجتمع.