التدخين في الأماكن العامة والمغلقة ..الأضرار الاقتصادية والصحية

لاتيه التحرير

التدخين من أخطر الآفات التي تهدد صحة الإنسان في عصرنا الحديث، إذ تتجاوز أضراره حدود الصحة الشخصية لتطال الأبعاد الاقتصادية للدول وتلوث البيئة. إذا كانت ممارسة التدخين في الأماكن العامة تمثل مخاطرة، فإن التدخين في الأماكن المغلقة يزيد من حدة هذه المخاطر، حيث يهدد صحة الأفراد في هذه المساحات المشتركة ويترك أثره الضار بمواد يصعب التخلص منها. يظل تأثير هذه المواد الخطيرة قائماً على الصحة العامة. في هذا الموضوع ، نستعرض خطر التدخين، بخاصة السلبي منه في الأماكن المغلقة، مستندين إلى تحذيرات صادرة عن مواقع رسمية محلية وعالمية حول هذه الآفة وآثارها السلبية على صحة الإنسان.

التدخين هو أحد الأسباب المؤدية للوفاة؛ حيث يموت 6 ملايين شخص سنويًا ويُتوقع زيادة هذا العدد إلى أكثر من 8 ملايين شخص سنويًا بحلول عام 2030م

 

يُعتبر التدخين من الأوبئة غير المعدية التي تُشكل خطرًا كبيرًا على الصحة، كما أوضحت منظمة الصحة العالمية. وقد أكدت وزارة الصحة السعودية في تحذير نشرته على موقعها أن مكافحة التدخين تُعتبر جزءًا أساسيًا من جهود منظمة الصحة العالمية لمواجهة الأمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والأمراض التنفسية المزمنة وداء السكري. تُسجل الأمراض غير المعدية وفاة حوالي 16 مليون شخص سنويًا قبل أن يبلغوا السبعين من عمرهم، مما يبرز أهمية تقليل استهلاك التبغ كجزء من الجهود العالمية لتحقيق هدف تقليل الوفيات المبكرة الناتجة عن هذه الأمراض بنسبة الثلث بحلول عام 2030م. يُسجل التدخين كسبب رئيسي للوفاة، حيث يموت 6 ملايين شخص سنويًا، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى أكثر من 8 ملايين بحلول عام 2030م، بالإضافة إلى كونه عاملاً خطرًا يسهم في العديد من الأمراض.

 

التبغ يقتل نصف من يتعاطونه

يحتوي التبغ على مواد ضارة، مثل القطران الذي يُعتبر أحد أبرز مسببات سرطان الرئة وضيق المجاري التنفسية. كما يُضعف من كفاءة كريات الدم الحمراء في نقل الأكسجين، بسبب وجود أول أكسيد الكربون، مما يؤدي إلى:تصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم، فضلاً عن انتفاخ الرئة والتهاب القصبات الهوائية، بالإضافة إلى الجلطة القلبية (الذبحة الصدرية) وسكتة دماغية، فضلاً عن تساقط الأسنان واحتشاء القلب. إن التبغ يُحصد أرواح نصف من يتعاطونه تقريباً، مما يجعله عدوًا خفيًا يهدد حياة الملايين.تقريبًا. يعيش حوالي 80% من المدخنين في شتى أنحاء المعمورة في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، حيث تُعد هذه النسبة مؤشراً مقلقاً.

 

دعوة منظمة الصحة العالمية لخلو الأماكن العامة والمغلقة على وجه الخصوص من التبغ

 

في تقرير أعدته منظمة الصحة العالمية بمناسبة اليوم العالمي للامتناع عن التبغ في الأماكن المغلقة، يُؤَكَّد ضرورة أن تكون جميع الأماكن المغلقة، بما في ذلك أماكن العمل داخل المباني، خالية تماماً من دخان التبغ. ويُعتبر تخصيص مساحات للمدخنين ضمن هذه المباني انتهاكاً لهذه المعايير، كما أنه لا يتماشى مع الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة التبغ. لذا، يجب عدم السماح بتصميم أماكن للتدخين داخل المباني.كما ورد في التقرير .

 

التدخين السلبي في الأماكن المغلقة  استنشاق نحو 4000 مادة كيماوية منها 50 مادة معروف عنها أنها مسبِّبة للسرطان

يتعرض الزوار في الأماكن المغلقة التي تُسمح فيها بالتدخين، المعروفين بالمدخنين السلبيين، لاستنشاق حوالي 4000 مادة كيميائية، من بينها 50 مادة معروفة بأنها تسبب السرطان لدى البشر. علاوة على ذلك، يُسهم دخان التبغ السلبي في إصابة الأطفال والبالغين بأمراض القلب والأوعية الدموية والعديد من أمراض الجهاز التنفسي، مما قد يؤدي إلى الوفاة. وقدّرت منظمة العمل الدولية عدد وفيات العمال نتيجة التعرُّض لدخان التبغ السلبي في أماكن العمل بحوالي 200 ألف عامل سنوياً. وينطبق ذلك أيضاً على بقية الأماكن المغلقة التي تعاني تلوث دخان التبغ، مثل المطاعم  والمقاهي. وذلك كما ورد في تقرير منظمة الصحة العالمية .

 

الدخان التراكمي يظل باقيا ومؤثرا سلبا في مكان التدخين برغم التهوية والتنظيف

 

في تحذير نشره موقع مايو كلينك Mayo Clinic تحت عنوان لماذا يشكل دخان التبغ الذي يبقى على الأسطح داخل المنزل مشكلة صحية؟

يتناول فيه تكوين الدخان التراكمي ويعتبره من ملوثات متراكمة داخل الأماكن المغلقة نتيجة تدخين التبغ. وتشمل المواد الكيميائية الموجودة في الدخان التراكمي النيكوتين ومواد أخرى مسببة للسرطان مثل الفورمالدهايد والنفتالين وغيرهما.

يتراكم الدخان التراكمي على الأسطح مع مرور الوقت. ومن الممكن أن يتخلل أغلب الأسطح اللينة مثل الأقمشة والأثاث والستائر وأغطية الأسرّة والسجاجيد. كما أنه يتراكم في صورة جسيمات تشبه الغبار على الأسطح الصلبة مثل الحوائط والأرضيات ودواخل السيارات. ويمكن أن يظل الدخان التراكمي متراكمًا لعدة أشهر حتى بعد التوقف عن التدخين.

لا يمكن التخلص من الدخان التراكمي عن طريق تهوية الغرف أو فتح النوافذ أو استخدام المراوح أو مكيفات الهواء أو مراوح الشفط أو حصر التدخين في أماكن معينة بالمنزل. ولا يمكن لوسائل التنظيف التقليدية في أغلب الأحوال إزالة الدخان التراكمي بصورة فعالة من أسطح عديدة.

 

الدخان (السلبي) يمثل 85 بالمئة من الدخان ويحتوي على نفس السموم الموجودة في السيجارة

وفق مانشره المركز الألماني لأبحاث السرطان، فإن هذا الدخان (السلبي) يمثل 85 بالمئة من الدخان ويحتوي على نفس السموم الموجودة في السيجارة، وأحيانًا بتركيزات أعلى بكثير. ويتحدث الخبراء عن تركيز أعلى بعشر مرات. لذلك فإن” دخان التيار الجانبي” سام بشكل خاص.وتدخل المواد السامة المنبعثة من دخان التبغ إلى الجسم عن طريق الاستنشاق. وتخترق ما تسمى بـ “الجسيمات القابلة للتنفس” بعمق إلى الجهاز الرئوي. ومن بين أكثر من 5000 مادة كيميائية في السجائر، ثبت أن أكثر من 70 مادة مسرطنة. بحسب مانشره موقع DW الألماني  .

 

الأضرار الاقتصادية …قد ترتفع قيمة الخسائر الناتجة عن التدخين السلبي إلى 500 مليار

تتجاوز الأضرار الاقتصادية الناتجة عن التدخين السلبي التأثيرات الصحية لتشمل أعباء مالية كبيرة. وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، فإن التدخين السلبي يؤثر في الإنتاجية ويزيد احتمالية الحرائق، بالإضافة إلى التكاليف الطبية المباشرة وغير المباشرة. في منطقة مثل هونج كونج، تُقدَّر الخسائر السنوية الناجمة عن التدخين السلبي بحوالي 156  مئة وستة وخمسين مليون دولار أمريكي، بينما تصل هذه الخسائر في الولايات المتحدة إلى عشرة مليارات دولار.وعلى مستوى العالم، تُقدّر منظمة الصحة العالمية أضرار التدخين الاقتصادية بأكثر من 500 خمسمئة مليار دولار سنويًا، مما يمثل حوالي 15٪ من إجمالي نفقات الرعاية الصحية في الدول ذات الدخل المرتفع.

 

لا صحة للإدعاء بأن حظر التدخين في المطاعم والمقاهي  يؤدي إلى أضرار اقتصادية

هذا في الوقت الذي يثبت فيه تقرير منظمة الصحة العالمية أنه لا صحة للإدعاء بأن حظر التدخين في المطاعم والمقاهي وقطاع الضيافة والفندقة بصفة عامة يؤدي إلى أضرار اقتصادية سلبية على هذا القطاع.ويصحِّح التقرير الإدعاء الأخير القائل بأن مفهوم الأماكن الخالية من الدخان لا يمكن أن يكتب له النجاح، مؤكدة أنه قد نجح بالفعل في بلدان مثل أيرلندا، ونيوزيلاندا والنرويج وولايات كاملة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا. ويمكن أن ينجح في أي بلد يطبق سياسة الخلو من الدخان .

 

اترك تعليقاً