محمد بن عايض


ما إن تطأ قدماك عتبة الباب  حتى تهاجمك بغير هوادة وتتحلق حولك وتدعو لطردك  ، مهما حاولت تقبلها   فلن تستطيع التعايش معها  باستمرار .  إنها روائح  الدخان العفنة،  ودوائر عجاجه الكثيف ، وكأنهما يتآمران لطردك من على باب المحل. لن أستفيض في الحديث عن الأضرار الصحية القاتلة التي يسببها التدخين، وتأثيره المدمر على الصحة العامة والفردية، وما يترتب عليه من أمراض مميتة مستعصية وزيادة معدلات مرضى الجهاز التنفسي، فضلاً عن الأعباء المالية الثقيلة التي تلقي بظلالها على الجهات المعنية؛ فكل ذلك أصبح من المسلمات المعروفة.

المقهى هو فضاء اجتماعي يحتضن جميع طبقات المجتمع بمختلف تنوعاتهم، ولكن انغماس العديد في آفة التدخين حوله إلى مكان يكاد يكون  محصورا بفئة المدخنين فقط. وهذا الواقع المرير يحرم شريحة ليست بالقليلة من غير المدخنين من الاستمتاع بأجواء المقهى الاجتماعية المتنوعة.

أدعو أصحاب المقاهي إلى إمعان النظر في حقوق فئات المجتمع المختلفة، الذين يرون في التدخين ضرراً لا يُطاق، سواءً كان ذلك من أصحاب الأمراض أو الأصحاء الذين لا يرغبون في مشاركة هذه العادة السيئة. ينبغي أن يكون هناك توازن في إعطاء الفرصة للآخرين للاستمتاع بهذه الأماكن.

فمن الضروري تجهيز المكان بوسائل فعالة لتنقية الهواء وأنظمة لشفط الروائح الكريهة وأجهزة قياس تلوث الهواء ، مما يتيح للمدخنين الاستمتاع بمساحتهم دون الإضرار بالغير، بينما يُخصص باقي المقهى للآخرين  لراحتهم. أن التدخين يشكل آفة مدمرة حقاً، وضحاياه وتكاليفه على الصحة العامة تفوق الوصف. ولهذا  فإن دور أصحاب المقاهي في تعزيز الصحة العامة يحملهم مسؤولية أخلاقية تجاه مجتمعهم. لذا، أوجه هذه المناشدة إلى أصحاب المقاهي الكرام، بأن يلتفتوا إلى حقوق غير المدخنين، ويشعروا بالمسؤولية تجاه صحة المجتمع.

اترك تعليقاً