أركان الشخصية الفاضلة

محمد بن عايض


تتجلى أبعاد الشخصية الفاضلة من خلال مجموعة من الركائز الأساسية التي تشكل جوهرها، وهي عناصر تكتسب أهمية بالغة لكل مربي يسعى لطبيعة إنسانية رفيعة. . هذه الأركان الأساسية تتمثل في: التقوى، والصدق، والأمانة، والعفة، والعطاء، والوفاء، وتحمل المسؤولية. إن إدراك عظمة هذه الأركان وأسباب كونها قواعد راسخة للشخصية الفاضلة هو أمر يتطلب تأملاً عميقاً.

..التقوى :

التقوى تُعتبر الركيزة الأساسية التي تضمن قبول الأعمال وأساسها العلم الذي ينفي الجهل ، وهي درعٌ تحمي الإنسان من الشرور والمفاسد، ووسيلة لتيسير الأمور. التقوى  تجسد الأمانة في المعاملات، وتعكس الرحمة تجاه الضعفاء، وتحترم الحقوق. إن استشعار مراقبة الله في الخلوات يُعدّ من أهم المبادئ، حيث يمنع الغش والظلم والخيانة، حتى في غياب عقاب البشر. كما تسهم التقوى في الارتقاء الروحي والأخلاقي، فتهذّب النفس وتغرس في أعماقها الفضائل. إن التقوى تُعزز العزة والكرامة، وتُجلب البركة في الرزق والعمر، وتساهم في صلاح المجتمع وتماسكه، مما يؤدي إلى الفوز بالجنة والنجاة من النار.

الصدق :

الصدق هو الركيزة الأساسية للأخلاق وأساس الإيمان، ومن خلاله يُصان الشرف والكرامة، ويتجلى بناء الثقة بين الأفراد. تُعَدّ العلاقات الاجتماعية والأسرية والأعمال والمحاكمات  والعقود جميعها مبنية على دعائم الصدق، حيث يمنح النفس الطمأنينة والثبات ويحفظ الحقوق. فالصدق ليس مجرد كلمات تُقال، بل هو انسجامٌ تام بين الباطن والظاهر، بين القول والفعل، وهو السبيل الذي يقود إلى البر ويُرشد إلى دروب الجنة.

الأمانة

تُعدّ الركيزة الأساسية للعلاقات الإنسانية (العائلية، الاجتماعية، المهنية).بدونها تتفكك الروابط وتضعف التعاونات تحمي من الفساد والغش والجريمة. تُعزّز العدالة وتضمن الحقوق (في الشهادة، والمعاملات المالية) وعليها تقوم النواحي الاقتصادية والعلاقات الإنسانية  وهي طريق للثقة والسمعة الحسنة الأمانة تشمل أمانة الكلمة (الوفاء بالوعود).أمانة المسؤولية رعاية الحقوق  ، أمانة العلم (نشره بدقة). أمانة الجسم الحفاظ على الصحة . 

العفة والنزاهة

إن العفة تمتد لتشمل طهر اللسان من الكذب والزور والنميمة والفحش في القول، كما تشمل نقاء القلب من الحسد والغل والشحناء. وتبرز العفة أيضًا في غض البصر عن محارم الناس وأموالهم التي لا تحل. إنها تجسد الطهارة الحقيقية، فهي طهارة معنوية وتزكية للنفس من أدران الشهوات المحرمة التي تعكر صفو الروح ونقاءها وسموها .

العطاء

العطاء هو شعلة الإنسانية وجسر التواصل الذي يربط بين القلوب. إنه يثري حياة المعطي والمتلقي على حد سواء، ويساهم في بناء عالم يتميز بالرحمة والعدالة والاستقرار. كما قال ابن القيم رحمه الله “ما استُجلب خير الدنيا والآخرة بمثل العطاء، ولا استُجلب الحرمان بمثل المنع والبخل”. فالبخل صفة مذمومة تتجلى في مجموعة من العلل كالحسد والشح ونقص التوكل وسوء الخلق ودناءة النفس، وهو من أشنع الصفات التي يمكن أن يتحلى بها إنسان. بالعطاء، تنمو المجتمعات وتزدهر، وتُقام الاقتصادات وتنجح الأعمال؛ فالعطاء هو مفتاح خير الدنيا والآخرة.

الوفاء

عتبر الوفاء الركيزة الأساسية في تأسيس الثقة وروابط الإنسانية في المجتمعات. إنه ليس مجرد فضيلة أخلاقية، بل هو قوة دافعة تحافظ على تماسك العلاقات، وتُعلي من شأن الإنسانية. يتجلى دور الوفاء في تشكيل مجتمع يعتمد على الثقة المتبادلة في الوعود والعهود، والعقود، حيث يعزز الروابط بين الأفراد والمؤسسات، مما يُسهل من عملية التعاون، ويُقلل من النزاعات على الأصعدة جميعها، سواء كانت أسرية أو اجتماعية أو اقتصادية.

تحمل المسؤلية

تحمل المسؤولية هو إبداع في تحويل التحديات إلى معاني سامية. من خلال تحقيق الأهداف، على المستوى الفردي والاجتماعي، بها تتسلق الأمم إلى مراتب العظمة، وتظل الأسماء خالدة في ذاكرة الزمن. إنه الالتزام بالواجب على أكمل وجه، والذي من خلاله تتشكل شخصيات الأفراد والمجتمعات وتتقدم في شتى المجالات.

الملخص

للشخصية الفاضلة سبعة أركان تقوم عليها : التقوى والصدق والأمانة  والعفة , العطاء والوفاء وتحمل المسؤولية .  تنضم إلى هذه الأسس قواعد أخرى  مهمة تتضمن التواضع، وحسن الخلق، والثبات على المبدأ، والإنصاف، والشجاعة الأدبية، بالإضافة إلى الاتزان العاطفي والسلوكي   وحب التعلم  . هذه الأركان السبعة  هي أسس الشخصية الفاضلة  وعلى المربي العناية بها .

اترك تعليقاً