وتأتي هذه الدراسة، التي نشرت في مجلة علم الأعصاب، في الوقت الذي يعمل فيه الأطباء والمدافعون عن الصحة العامة على رفع مستوى الوعي بشأن اضطراب تعاطي الكحول والقضايا المتعلقة بالإفراط في استهلاك الكحول.
وبالنظر إلى أهم ما جاء في هذا التقرير، تحدثتُ CNNمع خبيرة الصحة ، الدكتورة لينا وين طبيبة طوارئ وأستاذة مساعدة في جامعة جورج واشنطن. شغلت سابقًا منصب مفوضة الصحة في بالتيمور.
CNN: ماذا تظهر هذه الدراسة الجديدة عن الكحول والأضرار المحتملة التي قد تلحق بالدماغ؟
د. لينا وين: شملت هذه الدراسة تحليلًا تشريحيًا لأكثر من 1700 شخص، كان متوسط أعمارهم 75 عامًا وقت وفاتهم. فحص العلماء أنسجة أدمغتهم بحثًا عن علامات إصابة دماغية، بما في ذلك آفة تُسمى تصلب الشرايين الزجاجي، والتي ترتبط بمشاكل الذاكرة والإدراك، وتشابكات تاو، المرتبطة بمرض الزهايمر.
بشكل منفصل، استفسر الباحثون من أفراد عائلات المشاركين عن استهلاكهم للكحول. قُسِّم المشاركون إلى أربع مجموعات: من لم يشربوا قط؛ من يشربون سبع كؤوس أو أقل أسبوعيًا؛ من يشربون ثماني كؤوس أو أكثر أسبوعيًا، وهو ما يُعَدُّ إفراطًا في الشرب؛ ومن سبق لهم الشرب بإفراط والذين توقفوا عنه.
كان احتمال الإصابة بتصلب الشرايين الزجاجي لدى من يشربون بكثرة أعلى بنسبة 133% مقارنةً بمن لا يشربون، وذلك بعد أخذ عوامل أخرى قد تؤثر على صحة الدماغ مثل التدخين في الاعتبار. وكان احتمال الإصابة بهذا المرض أعلى بنسبة 89% لدى من يشربون بكثرة سابقًا، بينما كان احتمال الإصابة أعلى بنسبة 60% لدى من يشربون باعتدال.
كما كان لدى مدمني الكحول المفرطين احتمالية أعلى لتكوين تشابكات تاو. علاوة على ذلك، كان هؤلاء المشاركون أكثر عرضة للوفاة أبكر بمتوسط 13 عامًا مقارنةً بمن لم يشربوا الكحول قط
أعتقد أن هذه نتائج قاطعة تربط الإفراط في شرب الكحول بآثار دائمة على الدماغ. ومن اللافت للنظر أن من سبق لهم الإفراط في شرب الكحول لديهم أدلة على حدوث أضرار مستدامة، مع أن التوقف عن هذا الإفراط يبدو أنه يقلل من المخاطر.
هناك محاذير لهذه الدراسة. من المهم الإشارة إلى أن هذه النتائج تُعدّ ارتباطاتٍ إيحائية، وليست دليلاً على علاقة السبب والنتيجة. إضافةً إلى ذلك، من عيوب الدراسة أنها لم تقس مدة استهلاك الكحول، ولم تُميّز بين الأشخاص الذين يشربون بانتظام مشروبًا أو مشروبين يوميًا، وبين من يشربون بشكل متقطع ولكن بإفراط.
ما هو المعروف بالفعل عن كيفية تأثير الكحول على الدماغ؟
على المدى القصير، يُمكن أن يُعطّل تعاطي الكحول مسارات التواصل في الدماغ، ويُصعّب عليه التحكم في التفكير والتنسيق والتوازن والكلام والحكم. يُمكن أن تُؤدي كميات كبيرة من الكحول في وقت قصير إلى اختلال كبير في وظائف الدماغ، لدرجة أن المناطق الرئيسية التي تُسيطر على التنفس ومعدل ضربات القلب تبدأ بالتوقف عن العمل.
قد يُصاب الأشخاص الذين يعانون من اضطراب تعاطي الكحول بتغيرات دماغية تدريجية تؤثر على التفكير والإدراك. على سبيل المثال، قد تُسبب حالة تُعرف بمتلازمة فيرنيكة كورساكوف المرتبطة بالتعاطي المفرط للكحول، إعاقة دائمة، مع فقدان الذاكرة طويل المدى. وقد رُبطت كميات أقل من الكحول بالشيخوخة المبكرة وانكماش الدماغ.
ونظراً للعدد الهائل من الدراسات التي توضح تأثير تعاطي الكحول على الدماغ، فإن نتائج هذه الدراسة الجديدة ليست مفاجئة.