
مفش السر بين السلوك الظاهر والعميق
بقلم : محمد بن عايض
تُعتبر شخصية الإنسان معقدة بدرجة كبيرة نتيجة تفاعل مجموعة من العوامل النفسية والاجتماعية والبيولوجية والثقافية، مما يجعل تحليلها وفهمها أمراً يتسم أحياناً بالتحدي. هناك شخصيات تتميز بنمطين من السلوك: الأول هو السلوك الظاهر، الذي يتجلى بجلاء في العلن، والثاني هو السلوك الخفي، الذي يُعبّر عن أعماق النفس.
في سياق حديثنا، سنسلط الضوء على تلك الشخصيات التي تعيش بين هذين النمطين، حيث إن السلوك الظاهر لا يحتاج إلى مزيد من الشرح، بينما السلوك الخفي ينطوي على معانٍ ودلالات أخرى. ببساطة، قد تكون الصورة الظاهرة شيئاً مختلفاً تماماً عن الصورة الخفية، مما يضفي عمقاً وتعقيداً على الشخصية الإنسانية.
لذلك فالحكم المتسرع على الشخصيات من خلال لقاء سريع قد يكون خاطئا فهناك شخصيات قد ترضى عن شكلها وسلوكها ظاهريا، لكن الصورة الحقيقية من تلك الشخصية لم يتسن لك رؤيتها بعد. والعكس صحيح أيضا. ونظرا لتعقيد طبيعة الشخصية الإنسانية فاللقاءات العابرة واللحظية لا تكفي الباحث عن صفات محددة في شخصية يحتاج معها بناء علاقات طويلة وهي أيضا لا تكفي لبناء حكم منصف بحق تلك الشخصية .
وكما أن هناك صفات تستحق البحث والتنقيب فهناك صفات تستوجب البعد والحذر وأخطرها الصفة التي ذمها القرآن الكريم (الهماز المشاء بنميم) ويدخل فيها من يفش ِ السر ويكشف الستر بغرض تشويه السمعة وإثارة الشحناء.
وهذا السلوك يشكل خطورة على الأفراد والمجتمعات، فعلى مستوى الأفراد كشف الأسرار الشخصية قد يُسبب ضررًا نفسيًا شديدًا لأصحابها، مثل الإحراج، والقلق، وتشويه السمعة، واجتماعيا تدمير العلاقات العائلية والصداقات وانتشار البغضاء والضغينة في المجتمع؛ مما يؤدي إلى صراعات بين الأفراد ومشاكل دائمة بين العائلات.
هذا السلوك لا يبدو ظاهرا في الشخصية في اللقاءات القصيرة، لكنه يبرز مع الوقت وهو سلوك مرضي خفي من الشخصية ظاهره الود والثقة وباطنه نشر البغضاء والضغينة في المجتمع. ولذلك الحذر من ذلك السلوك العميق الذي يستعصي على الكشف ؛ لأنه مغلف بسلوك ظاهري جميل .