السمات والدوافع النفسية للشخصية التي لاتكتم سرا ..

عدم القدرة على كتم الأسرار، أو ما يُسمى أحيانًا “الثرثرة” أو “حب المشاركة”، هذه العادة ليست مجرد عادة بسيطة، بل تعكس غالبًا مجموعة من الخصائص النفسية والسمات الشخصية العميقة. لايستطيع كتم السر …يخبر كل شخص على حده ممن حوله ويقول لاتخبر أحدا فأنت الوحيد الذي أخبرته ، والحقيقة أنه قد أخبر كل من حوله .
يمكن تقسيم هذه الخصائص إلى فئتين رئيسيتين: الدوافع النفسية الأساسية والسمات الشخصية المرتبطة بها.
![]()
أولاً: الدوافع النفسية الأساسية
هذه هي الأسباب العميقة التي تدفع الشخص لافشاء الأسرار:
-
الرغبة في لفت الانتباه والشعور بالأهمية:
-
يرى حامل السر أن امتلاكه لمعلومات خاصة يمنحه قوة وقيمة مؤقتة. عندما يشارك هذا السر، فهو يشعر بأنه في مركز الاهتمام لفترة قصيرة، حيث يكون مصدرًا لمعلومة يريد الجميع معرفتها.
-
الشعور بالنقص: قد يحاول الشخص التعويض عن شعور داخلي بالنقص أو انعدام الأهمية من خلال إثبات أنه “في الصورة” و”على اطلاع”.
-
-
الحاجة الماسة للتواصل والانتماء:
-
يستخدم الشخص مشاركة السر كعملة اجتماعية لتعزيز الروابط وخلق شعور زائف بالألفة والصداقة الحميمة. يعتقد أن مشاركة سر مع شخص آخر ستجعل العلاقة بينهما أقوى.
-
الخوف من العزلة: قد يخشى أن يكون خارج دائرة الثقة إذا لم يشارك ما يعرفه، فيشارك الأسرار ليكون “جزءًا من المجموعة”.
-
-
نقص التحكم في الانفعالات (ضعف كبح التسرع):
-
يعاني هؤلاء الأشخاص من صعوبة كبيرة في كبح جماح رغبتهم في الكلام. تكون الإثارة الناتجة عن امتلاك السر كبيرة لدرجة أنهم لا يستطيعون مقاومة إطلاقها، حتى لو كانوا يعلمون أن ذلك خطأ.
-
الاندفاعية: يتصرفون بدافع اللحظة دون التفكير في العواقب طويلة المدى.
-
-
الافتقار إلى التعاطف أو ضعف في نظرية العقل:
-
“نظرية العقل” هي القدرة على فهم أن الآخرين لديهم مشاعر وأفكار مختلفة عن أفكارنا. الشخص الذي يفشي الأسرار قد يجد صعوبة في وضع نفسه مكان صاحب السر لفهم مدى الأذى أو الخيانة التي قد يشعر بها.
-
يركز على متعته الشخصية (التخلص من الإثارة أو لفت الانتباه) أكثر من تركيزه على مشاعر الشخص الذي ائتمنه.
-
-
انخفاض مستوى تحمل المسؤولية:
-
لا يشعر بثقل المسؤولية التي أُلقيت على عاتقه عندما ائتمنه شخص على سر. لا يدرك أن الائتمان هو عقد أخلاقي غير مكتوب، وأن كسره يعد خيانة للثقة.
-

ثانياً: السمات الشخصية المرتبطة
هذه السمات غالبًا ما تتواجد في الشخصية التي لا تستطيع كتم السر:
-
حب الدراما:
-
يستمتعون بالفوضى والمشاعر القوية التي تخلقها الأسرار المُفشاة. يشعرون أن حياتهم وحياة الآخرين تصبح أكثر تشويقًا وإثارة عند حدوث مثل هذه الأحداث.
-
-
السطحية في العلاقات:
-
قد تكون علاقاتهم سطحية إلى حد ما، حيث أنهم لا يقدرون عمق الثقة المتبادلة التي تُبنى على الاحترام والكتمان. العلاقة بالنسبة لهم هي ساحة للتبادل الإخباري وليس العاطفي العميق.
-
-
انعدام الأمان:
-
كما ذكرنا، غالبًا ما يكون الدافع الأساسي هو انعدام الأمان. فالشخص الواثق من نفسه وقيمته لا يحتاج إلى إفشاء أسرار الآخرين ليثبت مكانته.
-
-
ضعف في المهارات الاجتماعية:
-
يفتقرون أحيانًا إلى المهارات الاجتماعية المناسبة لبناء علاقات قوية بطرق صحية، فيلجأون إلى الطريقة الأسهل (مشاركة الأسرار) لخلق روابط سريعة، حتى لو كانت هشة ومؤذية.
-

الآثار السلبية
النتائج المترتبة على هذه السمة واضحة:
- تدمير الثقة: هو العامل الأكثر وضوحًا. بمجرد أن يُفشى سر، تصبح الثقة منعدمة ويصعب إعادة بنائها.
- تآكل السمعة: يصبح الشخص معروفًا بعدم أمانته، مما يدفع الآخرين إلى التحفظ معه وعدم مشاركته بأي شيء مهم.
- خلق النزاعات والمشاكل: غالبًا ما تكون الأسرار المُفشاة سببًا في خلافات ومشاكل كبيرة بين الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل.
- الشعور بالذمة والندم: حتى لو لم يظهره، قد يعاني الشخص من ندم داخلي بعد أن تهدأ الإثارة الأولية، خاصة عندما يرى العواقب الوخيمة.
الخلاصة
الشخص الذي لا يكتم السر ليس بالضرورة شخصًا “سيئًا”، بل هو غالبًا شخص يعاني من ضعف داخلي (كعدم الأمان، الحاجة للانتماء، الاندفاعية) ويستخدم إفشاء الأسرار كآلية غير صحية لتعويض هذا الضعف أو إشباع تلك الحاجة. التعامل معه يتطلب فهم دوافعه، ولكن في نفس الوقت، من الحكمة وضع حدود واضحة وعدم الوثوق به بمعلومات حساسة أو خاصة.
ملاحظة مهمة: هذه صفات عامة، وقد تختلف حدتها من شخص لآخر. كما أن السياق مهم؛ فإفشاء سر يتعلق بسلامة شخص آخر (مثل خطر ما) هو أمر أخلاقي وليس ضعفًا في الشخصية.
chat.deepseek.