المقالات


قم وغيّر

د. خالد الغامدي  . أخصائي نفسي وخبير تربوي 

 

نتساءل أحيانًا لماذا نشعر بهذا التعب المستمر والفتور والملل الذي يثقل يومنا ويجعلنا نفقد شغفنا بالحياة نبحث عن أعذار سريعة لنقنع أنفسنا أن ما يحدث خارج عن إرادتنا فنقول إنها عين أو حسد أو ضغوط عمل لا تنتهي أو نقص فيتامين يحتاج إلى علاج هذه التبريرات قد تبدو مريحة لكنها في الحقيقة لا تلامس جوهر المشكلة

الحقيقة أبسط بكثير مما نعتقد فغالبًا لا يكمن السبب في عوامل خفية أو أمراض غامضة وإنما في نمط حياتنا اليومي الذي أصبح عادة متكررة دون أن ننتبه إليه نوم متقطع وسهر طويل يرهقان الجسد والعقل تغذية غير متوازنة مليئة بالسكريات والدهون تجعلنا أكثر خمولًا كسل يسرق طاقتنا وضعف إرادة يدفعنا للتأجيل والبحث عن أعذار بدلاً من مواجهة الحقيقة .

التغيير يبدأ من مواجهة صادقة مع الذات حين نتوقف عن الهروب خلف التبريرات ونعيد تقييم عاداتنا اليومية نكتشف أن الحل أقرب مما نظن النوم المنتظم هو أول الطريق فالجسد يحتاج إلى راحة حقيقية في أوقات ثابتة والتغذية الصحية وقود يمنحنا نشاطًا واستقرارًا بدلاً من الأطعمة التي ترهقنا والحركة اليومية ولو كانت بسيطة كالمشي أو التمدد تعيد للجسم حيويته وتنشط الدورة الدموية وتجدد المزاج .

كما أن ترتيب الوقت وتنظيم اليوم يكسر دائرة الفوضى ويمنحنا شعورًا بالسيطرة والإنجاز والاهتمام بالصحة النفسية عبر لحظات هدوء أو ممارسة هواية أو لقاء الأحبة يخفف من الضغوط ويعيد التوازن إلى حياتنا ومع كل خطوة صغيرة نحو الانضباط يبدأ الجسد والعقل في استعادة طاقتهما .

ما كنا نظنه حسدًا أو نقصًا غامضًا لم يكن سوى انعكاس لإهمالنا وضعف انضباطنا والإرادة هي المفتاح الحقيقي متى ما قررنا أن نتغلب على الأعذار ونبدأ بخطوات ثابتة سنكتشف أن التغيير ليس معقدًا بل هو قرار يومي بأن نمنح أنفسنا ما تستحق .

كل ما نحتاجه هو خطوة واحدة نبدأ بها قد تكون تعديل موعد النوم أو استبدال وجبة سيئة بخيار صحي أو المشي بضع دقائق يوميًا هذه البداية الصغيرة كفيلة بأن تفتح لنا طريقًا جديدًا نحو حياة أكثر حيوية وتوازنًا فالتعب والملل ليسا قدرًا مكتوبًا وإنما رسالة واضحة أن وقت التغيير قد حان واليوم هو أفضل وقت للبدء

اترك تعليقاً