كتب


قراءة في كتاب ” الحياة الطيبة “

أطول دراسة علمية في العالم عن السعادة، بقلم روبرت والدينجر، دكتور في الطب، ومارك شولتز، دكتور في الفلسفة

 

الصورة

منصور العسيري 

باحث دكتوراه

 

استمتعت الفترة السابقة بقراءة كتاب الحياة الطيبة، والذي لخص فيه المؤلفان نتائج أطول دراسة عملته البشرية هدفت إلى فهم ما هي الأمور التي تجعلنا سعداء في الحياة.  سوف أشارك أهم الدروس التي تعلمتها من قراءة هذا الكتاب الماتع.

العلاقات الجيدة تجعلنا أكثر سعادة وصحة، بينما الوحدة تؤدي إلى تآكل وتدهور جودة حياتنا. إذا عدنا إلى الوراء، ونظرنا إلى 84 عامًا التي قضتها دراسة جامعة هارفرد محاولة فهم ما هي الأمور التي تجعل سعداء، فسوف نجد نتيجة واحدة وهي:

كيف يتسبب البحث عن السعادة في شقائك؟ | أسلوب حياة | الجزيرة نت

العلاقات الجيدة سبب في الصحة والرفاهية

[العلاقات الجيدة تبقينا أكثر صحة وسعادة، وعلى النقيض تماما غياب العلاقات الجيدة يقلل من صحتنا ورفاهيتنا] فعلى سبيل المثال وجدت العديد من الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من العزلة النفسية تزداد لديهم نسب الإصابة بالأمراض وتتدهور صحتهم مع الوقت بمعدل أكبر من الأشخاص المرتبطين

بعلاقة ذات جودة عالية. وعلاوة على ذلك يعيش الأشخاص الوحيدون حياة أقصر من غيرهم، بل إن بعض الأبحاث وجدت أن نسب موت الأشخاص الوحيدين يزيد عن غيرهم بنسبة ٢٦٪ وقد يكون إن من المؤسف أن نسب الوحدة تنتشر خاصة في الدول الغربية، فعلى سبيل المثال وحدن دراسة أن واحد من أربعة أمريكان أفاد بشعوره بالوحدة، بل إن المملكة المتحدة عينت مؤخرا وزيرا للوحدة بسبب بلوغ هذه المشكلة لمستويات عالية لديهم.

مجموعة من الأصدقاء المسنين السعداء تجمعوا على شرفة الكافتيريا وهم يأكلون ويشربون القهوة والمعجنات.

العلاقات استثمار طويل الأجل

العلاقات مع الآخرين هي استثمار طويل الأجل، كلما سقيناها ازدهرت وكلما أهملناها ذبلت. يعتقد كثير من الناس أن تكوين صداقات مع الآخرين من غير سقيها وتطويرها أمر كافياً، ولكن ذلك غير صحيح، فالعلاقات مثل العضلات إذا لم تمرنها تذبل وتضمر فعلى سبيل المثال، عندما وصل المشاركون في دراسة هارفارد إلى السبعينيات والثمانينيات من أعمارهم، سألناهم إذا كانوا يشعرون بأي ندم. فكان رد الكثير منهم هو أنهم يتمنون لو أنهم اهتموا بعلاقاتهم أكثر.

لقد تحدثوا عن الأصدقاء الذين فقدوا الاتصال بهم والأقارب الذين تمنوا قضاء المزيدمن الوقت معهم. بل قالت لنا ليديا وهي في الثامنة والسبعين من عمرها “أتمنى لو أنني قضيت وقتًا أطول بكثير مع أطفالي، ووقتًا أقل في العمل”.

العلاقات بجميع أنواعها مهمة، سواء كانت على شكل زواج، صداقة، أو حتى زمالة عمل. ليس من الضروري أن تكون متزوجًا لتجني فوائد امتلاك العلاقات، وتعيش حياة طيبة لان وفقا لدراسة التي اجرتها جامعة هارفرد فكل أنواع العلاقات مهمة. صحيح كونك في علاقة زوجية سعيدة قد يضعك في موقع أفضل من الآخرين ولكن حتى امتلاكك علاقات قريبة، سواء كانت على شكل صداقة أو أقارب أو حتى زمالة عمل قد يحسّن أيضا من جودة حياتك .

 

ليس من المهم  تبني وجهة نظر الطرف الآخر تماما لبناء علاقة جيدة

 

صورة وصورة رجل الشعب الحر

مع سهولة الاتصال هناك صعوبة في التواصل 

مع تحول العالم والكرة الأرضية إلى قرية صغيرة، أصبح من السهل التواصل مع الآخرين ولكنه أصبح أيضا من الصعب مقاومة المشتتات اليومية لدرجة أصبح كل ما حولنا يبحث عن جذب اهتمامنا؛ مما جعل الكثير منا لا يعطون الاهتمام الكافي للأمور المهمة في حياتهم ومن ضمنها عائلتهم وعلاقتهم المهمة. ولذلك نصح الكاتب الأشخاص المهتمين بتنمية علاقتهم باعادة ترتيب أولوياتهم وإعطاء الانتباه للعلاقات التي يريدون إطالتها لأن العلاقات تمرض وتموت إذا لم تسقى باستمرار.

ليس من المهم أن تتبنى وجهة نظر الطرف الآخر لكي تبني علاقة جيدة معه، فقط حاول تتفهمه. يظن بعض الناس أنه لكي تكسب رضا وقلوب الآخرين يجب أن تتبنى وجهة نظرهم ١٠٠٪ ولكن ذلك غير صحيح؛ لأن بذلك لأي مجهود، ولو كان بسيطاً محاولا فهم الطرف المقابل، ويحسن من جودة علاقاتك معه

فعلى سبيل مثال وجدت دراسة قامت بمراقبة ١٦٥ زوج أثناء حديثهم عن إحدى المشكلات المتعلقة بعلاقتهم أنه في حال بذل واحد من الطرفين جهد محاولا تفهم الآخر ترتفع نسب رضا وجودة الزوجين عن علاقتهم حتى وإن لم يصلوا لاتفاق كامل في وجهة النظر .

ما هي الصداقة - موضوع

العلاقات الجيدة هي الدرع الواقي في مواجهة التحديات

علاقاتنا الجيدة هي درعنا الواقي عند مواجهتنا للتحديات بغض النظر عن مدى جاهزيتنا وامتلاكنا لمهارة حل المشكلات نصادف جميعا في حياتنا اليومية الكثير من المشكلات التي قد تتعدى في بعض الأحيان طاقتنا وقدرتنا على التحمل، ولكن المهم هنا ليس حجم المشاكل، وإن كان التعرض لمشاكل وضغوط

كبيرة أمر مرهق لنا، بل كيف نواجه هذه المشاكل. فمثلا، ذكّر المؤلفان لكتاب الحياة الطيبة روبرت ومارك بعد ملاحظتهم ودراستهم للأشخاص المشاركين في الدراسة أن الأشخاص ذوي العلاقات الجيدة كانت قدرتهن على تحمل وتخطي المصائب أعلى من غيرهم، سواء كانت هذه المصائب ضغوطاً مالية أو اجتماعية أو جسدية مثل الإصابة بأمراض خطرة .

صورة وصورة أشخاص ذوي أيدي حرة

أهمية الدعم النفسي بين الأزواج

أثر التواصل الجسدي بالرغم من معرفة العلماء أهمية الدعم النفسي الذي يقدمه الأزواج لبعضهم البعض عند مواجهة التحديات، الا ان اسبابه تضل غير معلومة حتى الان ولكن توجد أبحاث جديدة قد تساهم في فهم هذه الظاهرة. على سبيل المثال، وجد الباحث جميس كون أن الأشخاص المصابين باضطراب كرب ما  بعد الصدمة (وهو اضطراب يجعل الأشخاص يعاونون ويسترجعون كوابيس وذكريات حدث صادم مرو به بطريقة مزعجة ومرضية) تزداد قدرتهم على مواجهة المرض إذا كانوا يحضون بأزواج داعمين لهم.

وتجدر الإشارة أن جميس كون لاحظ مصادفة في أثناء قيامه بدراسة للأشخاص المشخصين باضطراب كرب ما بعد صدمة،ولاحظ في معمله أنه عندما يمسك أحد الزوجين بدين الآخر يزداد شعوره بالهدوء، وينخفض شعوره بالقلق والأهم من ذلك قلل من شعور الأشخاص بالألم عند تلقيهم خبر أنهم سوف يتعرضون لصدمة كهربائية في المعمل.

 

صورة وصورة مجانية لمحطة القطار

مشاعرك تقود حياتك

مشاعرك تقود حياتك هل تعلم أن مشاعر الذي يشعر بها الزوجان حيال بعضهم البعض في أثناء النقاشات والمحادثات اليومية قد تشير وتتنبأ بمدى استقرار زواجهم؟ هذا السؤال الذي العملاء دراسته من خلال جلب بعض الأزواج والطلب منهم التناقش عن بعض المشاكل المتعلقة بعلاقتهم وملاحظتهم من خلف الزجاج ومن ثم الطلب من أحد الطلاب محاولة معرفة مشاعر الزوجين في أثناء النقاش ومدى استقرار علاقتهم.

وبعد الباحثين مع هؤلاء العائلات بعد ٥ سنين لمعرفة من إذا ما كانوا لا يزالون متزوجين أو انفصلوا. وكانت المفاجأة أن الطلاب المبتدئين الذين قيموا تفاعلات الزوجين وفقا لمشاعرهم تمكنوا من معرفة من هم الأزواج الدين سوف يبقون معا بنسبة تقارب ٨٥٪ .

صور وطبيعة الرجل المجانية

المودة هي أساس العلاقة الجيدة بين الزوجين

المودة المواجدة هم أساس العلاقة الجيدة بين الزوجين ذكرنا سابقا أن مشاعر الزوجين أثناء نقاشاتهم اليومية قد تحدد مدى بقائهم في العلاقة، ولكن المعلومة التي لم نذكرها هي أن العلماء وجدو أن هناك مشاعر مشتركة وشائعة بين الأزواج الذين استمررت علاقتهم لفترات طويلة وكانت هذه المشاعر هي المودة المواجدة. أي بمعنى وجد العلماء أنه كلما تحلى أحد الزوجين بالمودة (الإحساس بالعطف اتجاه الطرف الآخر) المواجدة (محاولة فهم وجهة نظر الطرف الآخر) كلما استمرت فترة علاقتهم لمدة اطول .


منصور العسيري 

باحث دكتوراه| مهتم بالعلاج الجدلي السلوكي و الضغوط النفسية واضطراب الشخصية الحدية

اترك تعليقاً