لاتيه : وكالات .
إثيوبيا في مواجهة الوباء الغامض: “ماربورغ” وبريطانيا تحذر رعاياها
وزيرة الصحة، الدكتورة مقدس دابا :
هناك حالات محدودة
وفي الوقت الحالي، لا يوجد أي مصاب بالفيروس في مرافق العلاج”

تفشي ماربورغ في إثيوبيا يشعل المخاوف الإقليمية
أعلنت وزارة الصحة الإثيوبية تسجيل تفشٍ لحمى نزفية في مدينة جنكا الواقعة في إقليم جنوب إثيوبيا علي الحدود الإثيوبية الكينية.
وذكرت الوزارة في بيان صدر يوم الأربعاء أنه تم رصد ثماني حالات يُشتبه في إصابتها حتى الآن، مضيفةً أن فرق الاستجابة السريعة قد أُوفدت إلى المنطقة لإجراء الفحوصات المخبرية والتحقيقات الوبائية واتخاذ التدابير اللازمة للحد من انتشار المرض.
وأوضح البيان أن “الوزارة، بالتنسيق مع شركائها، تواصل تنفيذ أنشطة المراقبة والاستجابة، بما يشمل تعزيز الرصد المجتمعي، وتتبع المخالطين، والبحث الميداني النشط عن الحالات.” وأشار إلى أن نوع الفيروس المسبب للحمى لم يُحدد بعد، حيث تُخضع العينات للفحص لتأكيد التشخيص وتحديد السلالة الفيروسية بدقة.
وحثت الوزارة السكان على التوجه الفوري إلى المرافق الصحية عند ظهور أعراض مثل النزيف غير المبرر أو الحمى أو الإسهال أو التقيؤ، داعيةً في الوقت نفسه إلى الالتزام بإجراءات الوقاية والنظافة الشخصية، بما في ذلك غسل اليدين بانتظام وتجنب ملامسة الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض المرض.
كما وجهت الوزارة المرافق الصحية في الإقليم إلى رفع مستوى التأهب وتعزيز إجراءات الكشف المبكر والعزل والإبلاغ الفوري عن أي حالات جديدة. وأكدت وزارة الصحة أنها ستنشر مزيداً من المعلومات فور صدور نتائج الفحوصات المخبرية وتحديد طبيعة الفيروس المسبب.
كما أكدت السلطات الصحية الإثيوبية، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ومركز مكافحة الأمراض في الاتحاد الإفريقي، تسجيل تفشٍ خطير لفيروس ماربورغ النزفي في جنوب البلاد، تحديدًا في منطقة جينكا الواقعة قرب حدود جنوب السودان. هذا التفشي هو الأول من نوعه تاريخيًا داخل إثيوبيا ويثير قلق الأوساط الصحية المحلية والدولية بشدة .

وخلال مؤتمر صحفي، صرحت وزيرة الصحة، الدكتورة مقدس دابا، بأن السلطات الصحية قامت بتحديد 17 حالة مشتبه بها وفحصها، وأسفرت التحليلات المخبرية عن تأكيد إصابة ثلاث حالات فقط بفيروس ماربورغ. وأوضحت الوزيرة أن ستة أشخاص ظهرت عليهم أعراض المرض، توفي منهم ثلاثة فقط بعد تأكيد الإصابة مخبرياً.
وقالت “في الوقت الحالي، لا يوجد أي مصاب بالفيروس في مرافق العلاج”. وأضافت أن الفحوصات المخبرية لا تزال جارية لجميع من تظهر عليهم الأعراض، مع استمرار جمع العينات ومعالجتها وإبلاغ عائلات الحالات المشتبه بها.
يُذكر أن تفشي المرض في جنوب إثيوبيا أسفر عن وفاة ستة أشخاص في بلدة جينكا بمنطقة جنوب أومو، بينهم عاملان صحيان، وفق ما أوردته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) استنادا إلى مسؤولي مستشفى محليين. وفي 13 نوفمبر ، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن إرسال فريق طوارئ وإمدادات طبية لدعم التحقيق في الحالات المشتبه بها، فيما تستمر الفحوصات المخبرية في المعهد الإثيوبي للصحة العامة لتأكيد السبب.

خلفية سريعة فيروس ماربورغ
مثل فيروس «إيبولا»، فإن فيروس «ماربورغ» ينشأ في الخفافيش، وينتشر بين الناس عن طريق الاتصال الوثيق بالسوائل الجسدية للأشخاص المصابين، أو الأسطح، مثل ملاءات الأسرّة الملوثة، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض بأميركا.
وجرى التعرف على الفيروس النادر لأول مرة عام 1967 في مختبرات بمدينة ماربورغ الألمانية، بعد أن تفشّى بشكل متزامن في المختبرات في ماربورغ بألمانيا وبلغراد. ووفقاً لتقرير نشره مركز «السيطرة على الأمراض» بأميركا على موقعه الإلكتروني، فقد أصيب 31 شخصاً بالفيروس أثناء إجراء الأبحاث على القردة، وتوفي 7، وتم إرجاع هذه الفاشية إلى القردة الخضراء الأفريقية المستوردة من أوغندا. لكن الفيروس ارتبط منذ ذلك الحين بحيوانات أخرى. وينتشر بين البشر في الغالب عن طريق الأشخاص الذين أمضوا فترات طويلة في الكهوف والمناجم التي تسكنها الخفافيش.
ولا يوجد راهناً أي لقاح أو علاج مضاد لهذا الفيروس، إلاّ أن الرعاية الداعمة عن طريق إعادة الترطيب الفموية أو الوريدية، ومعالجة أعراض محددة، تزيد من فرص النجاة، وفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية». واختبرت رواندا لقاحاً تجريبياً العام المنصرم، وفّره «سابين فاكسين إنستيتيوت» في الولايات المتحدة.
بداية الأزمة وتطور الأرقام
في منتصف نوفمبر 2025، أعلنت وزارة الصحة الإثيوبية اكتشاف 9 حالات مؤكدة لفيروس ماربورغ في إقليم أومو جنوب البلاد. وسرعان ما أكدت السلطات وفاة ثلاثة أشخاص نتيجة الإصابة، مع احتمالية وجود ثلاث وفيات إضافية لا تزال قيد التحقيق. تم عزل 129 شخصًا كانوا في دائرة المخالطة المباشرة مع المصابين، وتخضع حالتهم للمراقبة الصارمة مع فرض تدابير استجابة عاجلة تشمل تعزيز المراقبة والتحقيقات الميدانية
أعراض ماربورغ وغياب العلاج .
لا يوجد حتى الآن أي علاج أو لقاح معتمد ضد ماربورغ، ويقتصر التدخل العلاجي على الرعاية الداعمة مثل الترطيب والسيطرة على النزيف والحفاظ على وظائف الأعضاء. تظهر الأعراض في العادة بعد 2-21 يومًا من العدوى، وتشمل:حمى مرتفعة مفاجئة وصداع شديد.آلام عضلية وإرهاق وتقيؤ وإسهال.نزيف داخلي وخارجي، غالبًا في الأسبوع الأول من المرض. وتُعتبر مراقبة المصابين وعزلهم تتبعًا للبروتوكولات الدولية للوقاية من تحول التفشي المحدود إلى جائحة إقليمية

.إجراءات محلية ودولية عاجلة
قالت وزيرة الصحة الإثيوبية إن فريقًا مشتركًا من منظمة الصحة العالمية والمراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض أُوفد لدعم جهود الاحتواء، وتسهيل التحقيقات الميدانية، وتدريب الطواقم على الحالة الطارئة.
وأصدرت منظمة الصحة العالمية والدول المجاورة تحذيرات موسعة وإرشادات مشددة للحد من انتقال العدوى، خاصة في المناطق الحدودية مع جنوب السودان، خشية وصول الفيروس إلى بلدان ذات أنظمة صحية هشة
.استجابة الجوار والمخاوف الإقليمية
بادرت السلطات في جنوب السودان بتنبيه سكان المقاطعات المتاخمة لجنوب إثيوبيا إلى ضرورة تجنب المخالطة المباشرة مع الحالات المشتبه بها وتطبيق قواعد غسل اليدين والعزل الصحي المنزلي حال ظهور الأعراض. تؤكد منظمة الصحة العالمية أن سلالة الفيروس المكتشفة بجنوب إثيوبيا مشابهة للتي انتشرت في رواندا وتنزانيا سابقًا هذا العام، ما يعيد المخاوف من موجة انتقالية تهدد استقرار المنطقة الأفريقية برمتها
هناك أمل للسيطرة
مايزال هناك أمل في السيطرةرغم خطورة الموقف وارتفاع معدلات الفتك للفيروس، ويعوّل خبراء الصحة على فاعلية التدخلات الطارئة وتعاون المجتمع المحلي في إيقاف دائرة التفشي قبل توسعها. وتشدد المؤسسات العالمية على أهمية الشفافية والإبلاغ السريع عن أي أعراض جديدة لضمان حماية الصحة العامة واحتواء الخطر قبل خروجه عن السيطرة
بريطانيا تحذر مواطنيها من السفر إلى إثيوبيا وسط مخاطر أمنية متزايدة.
وعلى صعيد آخر أصدرت وزارة الخارجية البريطانية تحذيرًا لرعاياها من السفر إلى إثيوبيا، مشيرة إلى أن بعض المناطق تشهد مخاطر أمنية تستدعي تجنّب السفر إلا للضرورة القصوى. وأوضحت الوزارة أن المناطق الحدودية، لا سيما قرب إريتريا وكينيا والصومال، تشهد توترات قد تتصاعد بسرعة، ما يشكل خطرًا على المدنيين.كما أشارت إلى أن بعض أجزاء إقليم تيغراي وإقليم أمهرا تشهد حوادث عنف ونزاعات محلية، مع استمرار الوضع غير المستقر الذي قد يؤثر على الحركة اليومية والأمن.
وذكرت الوزارة أن هناك احتمالًا لوقوع اعتقالات تعسفية في بعض المناطق، داعية المواطنين إلى الحفاظ على وثائقهم الشخصية والاحتفاظ بنسخ منها، ومتابعة التوجيهات الرسمية الصادرة عن السلطات المحلية.وأعربت وزيرة شؤون إفريقيا البريطانية عن قلقها البالغ من التداعيات الإنسانية الناجمة عن العنف المستمر في إثيوبيا، مشددة على أهمية فتح الممرات الإنسانية وتعزيز الحلول السياسية لتخفيف معاناة المدنيين.
وطالبت الوزارة جميع المسافرين البريطانيين بمتابعة التحديثات الأمنية الرسمية، واتباع الإرشادات المحلية بشكل دقيق لضمان سلامتهم.